زيادة البطالة وارتفاع الأسعار يعكران صفو رمضان الأتراك

زيادة البطالة وارتفاع الأسعار يعكران صفو رمضان الأتراك

12 مارس 2024
ترافق ارتفاع الأسعار مع تراجع الليرة التركية وزيادة معدلات البطالة (فرانس برس)
+ الخط -

ارتفعت أسعار المنتجات في الأسواق التركية، مع حلول شهر رمضان، رغم الوعيد الحكومي للتجار، ووعود القطاع الخاص بكسر الأسعار.

ودفع ارتفاع الأسعار أصحاب الدخول الثابتة أمام اختبار توزيع الأجر على أيام شهر رمضان والأسعار المتزايدة، بعد أن سجل كيلو الموز الصومالي 100 ليرة تركية (نحو 3 دولارات)، وزادت أسعار الحلويات نوع أول بالفستق الحلبي عن 800 ليرة، ووصل سعر كيلو لحم الخروف بين 600 و650 ليرة، وهي أعلى أسعار تسجلها الأسواق.

ولم تخرج الخضر والفواكه عن حمى ارتفاع الأسعار ليتراوح سعر كيلو البندورة، طماطم، بين 40 و70 ليرة على حسب النوع، والخيار نحو 70 ليرة، وتراوحت أسعار الكوسا والباذنجان بين 50 و55 ليرة، والتفاح بين 30 و60 ليرة، في حين انخفضت أسعار الحمضيات بسبب تراجع التصدير نحو روسيا والمنطقة العربية، بحسب مصادر لـ"العربي الجديد". 

وارتفع معدل التضخم السنوي في تركيا خلال شهر فبراير/ شباط الماضي إلى 67.1% على أساس سنوي مقابل 64.9% في يناير/ كانون الثاني.  

وارتفعت أسعار السلع الاستهلاكية على أساس شهري بنسبة 4.5%، مدفوعاً بالتراجع شبه المتواصل في سعر صرف الليرة التركية. 

مبادرات خفض الأسعار 

وفي حين تحمل الحكومة التركية تجار التجزئة وأصحاب العلامات الكبرى مثل "بيم، يوز بير، شوك وفيليه" قيادة حملات رفع الأسعار، أطلق اتحاد تجار التجزئة الأتراك حملة تثبيت الأسعار والخصم على مئات المنتجات خلال شهر رمضان في 7700 متجر من سلسلة متاجر الأسواق المحلية.

وقال رئيس اتحاد تجار التجزئة الأتراك (TPF)، عمر دوزغون، في بيان، إن هناك 14 متجراً تضم 7 آلاف و700 فرع في جميع أنحاء تركيا للبيع بالتجزئة، وذكر أنهم، باعتبارهم المنظمة الجامعة للجمعية، وقعوا حملة جديدة للتخفيف من ميزانيات المستهلكين خلال شهر رمضان.

وأضاف دوزغون "نريد ضمان استقرار الأسعار في أسواقنا وضمان رمضان مريح لشعبنا، ومن أولوياتنا ضمان مروره".

وتكشف مصادر لـ"العربي الجديد" أن بعض الأسعار تراجع سعرها منذ أول يوم بشهر رمضان، لكنها تبقى أعلى من أسعار "البازارات" الأسبوعية التي تراها المصادر ملاذ أصحاب الدخول الثابتة والمحدودة بتركيا، لأن الأسعار أقل بنسبة 20 إلى 30% من أسعار سلاسل التجزئة الكبرى.

وتقول السيدة عائشة بوستان (67 سنة) إن نفقات الغذاء تزايدت خلال رمضان الحالي، بسبب تراجع سعر صرف الليرة إلى نحو 32 مقابل الدولار، التي قابلها رفع الأسعار بالسوق، خاصة منتجات رمضان، مشيرة إلى ضرورة زيادة الحد الأدنى للأجور مرة ثانية هذا العام.

وتضيف المتقاعدة بوستان لـ"العربي الجديد" أن الوعود الحكومية برفع ثان للأجور "خفتت" بعد تأكيدات الأسبوع الماضي برفع منتصف العام بنسبة توازي التضخم الذي تعدى 65% على أساس سنوي، لأن رفع مطلع العام الجاري بنسبة 49% أكلها تضخم الأسعار، وعادت القوة الشرائية للأجور إلى أقل مما كانت عليه قبل عامين.

وكان القطاع الخاص بتركيا قد رفع الحد الأدنى للأجور مطلع العام الجاري من 11402 إلى 17002 ليرة تركية، لتطاول الزيادة ما نسبته 38% من 16 مليوناً و687 ألف موظف، أي ما يقرب من 6 ملايين و300 ألف، يتقاضون الحد الأدنى للأجور في تركيا.

لكن رئيس غرفة تجارة إسطنبول، شكيب أفداغيتش، بدد أمس آمال المنتظرين زيادة ثانية بقوله: إن زيادة الحد الأدنى للأجور لهذا العام ستكون مرة واحدة فقط. 

وأضاف في تصريحات إعلامية أن هذه الزيادة ستكون مرة واحدة، وستطبق على مدار العام دون تقسيمها إلى أجزاء أو زيادات إضافية في الفترات اللاحقة. 

ارتفاع البطالة وتراجع الليرة

وتأتي معاناة الأتراك جراء ارتفاع الأسعار المرافق لتراجع سعر الليرة مع زيادة البطالة.

وفقدت العملة التركية نحو 37% من قيمتها العام الماضي، وأكثر من 6% منذ بداية العام، وتراجع سعر الصرف في بداية تعاملات اليوم الثلاثاء، إلى 32.04 ليرة مقابل الدولار الأميركي. 

بينما ارتفعت البطالة بنسبة 0.2% خلال الشهر الماضي، لتصل نسبة البطالة إلى 9.1% ويزيد عدد العاطلين عن العمل بنحو 85 ألف شخص، مقارنة بالشهر السابق، ويبلغون 3.214 ملايين شخص. 

ويشير تقرير المعهد الإحصائي التركي، أمس، إلى أن نسبة البطالة بين الرجال 7.7%، بينما قفزت بين النساء إلى 11.7%. 

تشديد السياسة النقدية 

يأتي ارتفاع الأسعار واستمرار معدلات التضخم المرتفعة، رغم قرار وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني، برفع تصنيف تركيا من "B" إلى "+B" مساء الجمعة الماضي، وتعديل نظرتها المستقبلية من "مستقر" إلى "إيجابي". 

وقالت الوكالة، في بيان، إن التشديد النقدي الذي انتهجته البلاد كان أكبر وأسرع من المتوقع في تقليل مخاطر الاستقرار المالي الكلي. 

يؤكد ذلك تصريحات وزير المالية محمد شيمشك، أمس الاثنين، أن الحكومة ستواصل تشديد السياسة النقدية لمساعدة البنك المركزي على خفض التضخم، مسلطاً الضوء على رفع وكالة فيتش التصنيف السيادي للبلاد.

وفي تعليقات على منصة إكس للتواصل الاجتماعي، قال شيمشك إن تركيا ملتزمة بالحفاظ على سياسات ملائمة وتنفيذ إصلاحات هيكلية، بينما يظل تحقيق استقرار في الأسعار على رأس أولوياتها.

وتابع شيمشك: "البنك المركزي التركي ملتزم بتحقيق استقرار في توقعات التضخم باستخدام جميع الأدوات المتاحة لديه. وسنواصل تشديد السياسة النقدية لمساعدة البنك المركزي التركي على خفض التضخم".

وأبقى البنك المركزي التركي سعر الفائدة عند 45% دون تغيير في فبراير/ شباط، وذلك بعد موجات رفع بدأت في مايو/ أيار الماضي من 8.5%، بالتزامن مع تعيين المحافظة السابقة للبنك المركزي، حفيظة غاية أركان. 

ويتوقع البنك المركزي التركي انخفاض التضخم إلى 36% نهاية عام 2024، في حين تتوقع مؤسسات دولية الانخفاض إلى 42.7% نهاية العام.

لكن الاقتصادي مسلم أويصال يؤكد لـ"العربي الجديد" أن سياسة التشديد النقدي شارفت على النهاية، متوقعاً، بعد تثبيت سعر الفائدة الشهر الماضي عند 45% أن يستمر التثبيت أو يبدأ تخفيض سعر الفائدة.

ويشير أويصال إلى أن بلاده حققت الفائدة من السياسة الاقتصادية الجديدة، إن على صعيد جذب الاستثمارات أو تحسين النظرة لاقتصادها، متوقعاً بدء انخفاض التضخم بالربع الثالث من العام الجاري وتحسن سعر الليرة التركية.

(الدولار= 32.04 ليرة)

المساهمون